القاهرة- 26 يونيو 2021
تطالب حملة أوقفوا الاختفاء القسري السلطات المصرية بضرورة التوقف الفوري عن ممارسة جريمة الاختفاء القسري والتعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو الحاطة بالكرامة بحق المواطنين المصريين داخل مقرات الاحتجاز الرسمية وغير الرسمية.
على الرغم من النداءات المتكررة للسلطات المصرية على المستويين المحلي والدولي بضرورة التوقف عن استخدام الاختفاء القسري والتعذيب بحق المعارضين لسياسات الحكومة، إلا أن جريمة الاختفاء القسري لاتزال على رأس قائمة انتهاكات الأجهزة الأمنية التي تتوسع في استخدامه على نطاق أوسع وبشكل منهجي. كما لا يمكن إغفال النظر عن سعي أجهزة الدولة الدائم لمحاولة إضفاء صبغة قانونية على ممارسة الاختفاء القسري، حيث وُضعت المادة 40 من القانون رقم 94 لسنة 2015 وفقًا لآخر تعديلاته، قانون مكافحة الإرهاب، لتقنين فترات الاختفاء القسري لمدة 28 يومًا.
وأننا إذ نؤكد على أن ارتكاب جريمة الاختفاء القسري بحق الأفراد يترتب عليه سقوط الحماية القانونية للشخص، وهو بذلك لا يتوقف عند كونه انتهاكًا بذاته، إنما يترتب عليه عددًا من الانتهاكات التي يتم ارتكابها بحق المختفين قسريًا، على رأسها حق الفرد في الاعتراف بالشخصية القانونية، والحق في الحرية والأمان على شخصه، والحق في عدم التعرض للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو الحاطة بالكرامة.
كانت الحملة قد حققت نجاحًا كبيرًا في تسليط الضوء على الاختفاء القسري الذي تمارسه الأجهزة الأمنية في مصر بشكل منهجي، من خلال حملات المناصرة المستمرة للمختفين قسريًا، والتنسيق مع المنظمات المحلية والدولية، وعرض ما يعانيه المختفون قسريًا داخل مقار الاحتجاز السرية من تعذيب وسوء معاملة من أجل انتزاع الاعترافات، وما ترتب على فترات الاختفاء القسري من محاكمات غير عادلة وصلت ببعض المختفين قسريًا إلى أحكام بالإعدام.
وتؤكد الحملة على أنها كانت وستظل شريكًا وداعمًا لأهالي المختفين قسريًا في رحلتهم الشاقة للبحث عن ذويهم، ودعم كامل حقوق الضحايا في الحصول علي جبر الضرر والتعويض المناسب، وملاحقة مرتكبي جريمة الاختفاء القسري، ومكافحة إفلاتهم من العقاب.
بعد أكثر من خمس سنوات، عملت خلالها حملة “أوقفوا الاختفاء القسري” على رصد وتوثيق وتقديم الدعم لضحايا الاختفاء القسري وعائلاتهم، تؤكد الحملة بما لا يدع مجالًا للشك ممارسة الأجهزة الأمنية للاختفاء القسري بشكل منهجي وعلى نطاق واسع، ونظرًا لما يترتب على الاختفاء القسري من انتهاكات جسيمة لحقوق الأفراد في الحصول على الحماية القانونية اللازمة، وعدم التعرض لأي شكل من أشكال التعذيب والترهيب وأيًا من أشكال المعاملة اللاإنسانية أو الحاطة بالكرامة، يبقي الاختفاء القسري جريمة يترتب عليها انتهاك حقوق عديدة لا تقبل التقييد شأنها شأن الحق في الحياة.
وعليه تكرر حملة أوقفوا الاختفاء القسري نداءاتها وتوصياتها للسلطات المصرية:
● على السلطات المصرية ضرورة الاعتراف بارتكاب جرائم الاختفاء القسري بحق المواطنين ومعارضي السلطة في مصر، والإعلان الفوري عن رفض ارتكاب جرائم الاختفاء القسري والتعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو الحاطة بالكرامة، والإفصاح عن أماكن احتجاز المختفين قسريًا، والتعهد بملاحقة مرتكبي هذه الجرائم من قطاع الأمن الوطني والمخابرات.
● على وزارة الداخلية وفي مقدمتها قطاع الأمن الوطني ضرورة التوقف الفوري عن ممارسة الاختفاء القسري واحتجاز المواطنين في أماكن احتجاز غير رسمية، واحترام قرارات السلطة القضائية بالإفراج عن المواطنين، والإفصاح عن أماكن احتجاز المختفين قسريًا وتقديمهم للمحاكمة إذا ما كانوا متهمين في قضايا لا تتعلق بممارسة حقوقهم الدستورية. والتعاون مع أهالي المختفين قسريًا في رحلتهم للبحث عن ذويهم، والتوقف عن التعنت ضدهم في اتخاذ الإجراءات اللازمة.
● على السلطات المصرية ضرورة تجريم الاختفاء القسري كجريمة لا تسقط بالتقادم، واعتماد تعريف التعذيب الذي أقرته اتفاقية مناهضة التعذيب 1984 في قانون العقوبات المصري، والانضمام إلى الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري 2006، والبروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب، والانضمام لنظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
● على النيابة العامة ضرورة النظر في الإجراءات التي يتخذها ذوو المختفين قسريًا من بلاغات وتلغرافات تثبت وقائع القبض على ذويهم من قبل الأجهزة الأمنية وإجراء التحقيقات على وجه السرعة، وإعلام أسر المختفين بنتائج البحث والتحقيق في اختفاء ذويهم. كذلك تفعيل دور النيابة العامة في الرقابة والإشراف على السجون والأقسام ومقار الأمن الوطني ومعسكرات الأمن المركزي والسجون العسكرية.
● على نيابة أمن الدولة العليا ضرورة التوقف الفوري عن انتهاك الحقوق القانونية للمتهمين وتهديدهم وإجبارهم على الاعتراف، والتحقيق في وقائع الاختفاء القسري التي يتعرض لها الأشخاص، كذلك ضرورة التحقيق في ادعاءات المواطنين بالتعرض للتعذيب وسوء المعاملة داخل مقار الأمن الوطني أثناء فترات الاختفاء، وسؤالهم كمجني عليهم وعرضهم على مصلحة الطب الشرعي لإثبات الإصابات.
● على وزارة الداخلية المصرية ضرورة التوقف الفوري عن ارتكاب جرائم القتل خارج إطار القانون، وتقديم المواطنين للقانون، والتوقف عن استخدام الإرهاب كذريعة للقتل وارتكاب انتهاكات حقوق الإنسان، كذلك ضرورة حماية أسر المختفين قسريًا وضمان عدم تعرض أيًا من المشاركين في التحقيقات للتهديد والترهيب.
● على السلطات المصرية أن ترفع يدها عن المنظمات غير الحكومية، لا سيما التي تعمل منها على دعم ومناصرة حقوق الإنسان، والتوقف عن ممارسة الانتهاكات بحق أعضاء هذه المنظمات والمدافعين عن حقوق الإنسان وعرقلة دورهم في مساندة ضحايا الاختفاء القسري وحماية حقوق الإنسان.